نصيحة أم
كانت فائزة عصبية المزاج غليظة الطباع، لا تحتمل سماع أي كلمة من أي شخص، متهورة في إجاباتها، تسعى دائماً
لخلق المشاكل والعراك والشجار. أصاب الضجر زميلاتها منها فأبتعدن عنها، لذا أصبحت وحيدة لا يطيقها أحد...
[/BGPIC] [BGPIC="http://www.webweaver.nu/clipart/img/web/backgrounds/children/bunnies.jpg"] [/BGPIC][/BGPIC] [BGPIC="http://popartmachine.com/machine/daily/2013-06-28/art-textures/blue-pool-water-background-A-%200_wallpaper.jpg"] [/BGPIC]
وحينما يتكلمن ويمزحن فيما بينهن ، كانت تحسب أن كلامهن موجه إليها، وأنهن يستهزئن بها ، وحين تقترب منهن
قليلاً تجد أن حديثهن بعيد كل البعد عن ظنها وتكهناتها ، فتعود أدراجها وهي في غاية الحيرة والقلق.
ظلت فائزة على هذا الحال، تذهب إلى المدرسة وحيدة منبوذة وتعود أدراجها إلى البيت وحيدة بغير رفقة تؤنسها،
فشكت حالها لأمها وقالت لها بأن جميع الطالبات يكرهنها ولا يطقن الحديث معها .
صمتت أمها قليلا ثم قالت لها :
ـ
عزيزتي .. لا يقترب الناس منك ألا حينما تريدين أن تقتربي منهم ولا يمكن أن تنالي محبتهم إلا عندما تسعين لحبهم ،
فالحياة أخذ وعطاء حتى في المشاعر والأحاسيس، ولن تحصلي على حب الناس ألا بحبك للناس، فلا تبخلي على
زميلاتك بالمحبة و الأحترام، و أعلمي دائماً بأن المحبة والتسامح خير ألف مرة من الكره والخصام، لتعيشي سعيدة
راضية عن نفسك وعن الآخرين . . .
أرنوب والتفاح
في الطريق .. وبينما كان أرنوب مع أمّه عائدين إلى بيتهما ، صادفتهما السلحفاة .. فبادرتها أمّ أرنوب بالتحيّة :
- مرحباً يا صديقتي السلحفاة . إلى أين تذهبين ؟
أجابتها السلحفاة :
إلى ضفة النهر. فقد سمعت من جارتنا السنجابة أنّ ثمار التفاح قد سقطت من أشجارها على الأض ، وأولادي يحبّون
التفاح . ...
قالت أمّ أرنوب :
- ولكنّ الوقت متأخّر، والشمس شارفت على المغيب. لماذا لا تنتظرين حتّى الصباح؟
أجابتها السلحفاة :
- لو ظلّ التفّاح على الأرض حتّى الصباح،فإنني أخشى أن تصل إليه دودة الأرض قبلي.
ما إن سمع أرنوب بكلمة ( تفاح ) حتّى لعق شفتيه بلسانه،وتوسّل بأمّه قائلاً :
- ماما.. أرجوك..أنا أحبّ التفّاح..دعيني أذهب مع عّمتي السلحفاة .
أجابته الأمّ :
- ولكن يا أرنوب ..
قاطعتها السلحفاة :
-
سترافقاني أنتما الاثنان . فهذا سيخّفف علّي وحشة الطريق .
قالت أمّ أرنوب :
- اعذريني يا صديقتي السلحفاة.فزوجي سيحضر بعد قليل،وعليّ أن أعدّ له الطعام .
قال أرنوب :
- لقد سئمت أكل الجزر،وأشتهي أن آكل التفّاح .
قالت السلحفاة :
- إذن سترافقني بعد أن تسمح لك أمّك بذلك .
بعد أن أوصت الأرنبة ابنها الأرنوب أن يسمع كلام عمّته السلحفاة،وتعهّد لها بذلك،صعد أرنوب على ترس
السلحفاة،متوجّهين إلى ضفة النهر.وفي الطريق شعر أرنوب أنّ السلحفاة بطيئة في مشيها،فنزل من على ترسها وهو
يقول :
- ما هذا يا عمتي السلحفاة ؟! لوبقيت تمشين هكذا فإنّنا لن نصل إلى ضفة النهر قبل الصباح .
ابتسمت السلحفاة قائلة :
- لا تتعجّل يا أرنوب .. لم يبقَ إلاّ القليل .
فقال أرنوب :
- لا .. سأسبقك إلى هناك .. لأجمع التفّاح وأبقى بانتظارك .
ابتعد أرنوب عن السلحفاة مسرعاً،بينما ظلّت السلحفاة تناديه :
- ارجع يا أرنوب..لقد تعهّدت لأمّك بأن تسمع كلامي .
صاح أرنوب :
- لقد مللت من خطواتك البطيئة .
كان ثعلوب يستلقي على بطنه,وهو يقاوم الجوع.. بانتظار الحصول على وجبة من الطعام, يملأ بها معدته الفارغة. وفي
هذه الأثناء أحسّ برائحة بدأت تنفذ في أنفه. فنهض وهو يحكّ أنفه ويقول :
- هذه الرائحة أعرفها .. إنّها ليست غريبة عنّي.فأنفي لا يخطيء أبداً .
ثمّ داعب بطنه وهو يضحك ويقول :
-
لقد أتتك وجبة شهيّة يا معدتي العزيزة . آه ..ما أشهى طعم الأرانب!! .
ما إن مّر أرنوب من أمام العشب الذي كان يختبيء فيه ثعلوب،حتى قفز عليه وأمسك به بأسنانه .ارتعب أرنوب، وصار
يصرخ بأعلى صوته :
النجدة .. النجدة .. الثعلب سيأكلني .. أنجدوني ..
ولكنّ أحداً لم يسمع صيحات أرنوب واستغاثته.
بعد أن وصلت السلحفاة إلى ضفة النهر ، ورأت ثمار التفاح تملأ الأرض،عرفت أنّ أرنوب لم يصل إليها .. وأنّه ربما يكون
بحاجة للمساعدة . فقّررت أن تخبر صديقتها الأرنوبة بذلك ..لكنّها فكّرت ثم قالت :
ولكنّ رجوعي إلى بيت الأرنوبة سيستغرق وقتاً طويلاً ،وربّما يكون أرنوب في خطر . عليّ أن أتصرف بسرعة .
في بيت ثعلوب كان أرنوب يصرخ متوسّلاً :
-
أرجوك يا ثعلوب .. لا تأكلني .. أنا خائف ..
فضحك ثعلوب وهو يقول :
-
وأنا جائع .. كفاك ثرثرة ودعني أهيء مائدة الطعام .
وراح ثعلوب يعدّ مائدته لاستقبال وجبة شهيّة . وضع الصحون والسكاكين .. لكنّه عندما بحث عن الشوكة لم يجدها . فصاح :
- ترى أين اختفت الشوكة ؟
لم يشعر ثعلوب إلاّ والشوكة تنغرس بقوّة في رجله ،وصوت يأتيه من الخلف يقول :
-
هذه هي شوكتك يا ثعلوب .. إيّاك أن تغدر بأصدقائك الحيوانات بعد الآن .
قفز ثعلوب من شدّة الألم فصاح :
- آه .. آه رجلي ..
سارعت السلحفاة لإنقاذ أرنوب من الحبل ،وخرجا من بيت ثعلوب الذي انشغل بمعالجة رجله . احتضن أرنوب عّمته
السلحفاة وهو يقول لها خجلاً :
لقد كنت بطيئة في مشيك يا عّمتي السلحفاة ،لكنّك كنت سريعة في إنقاذي .إني نادم على فعلتي هذه . ومن الآن لن
أعصي كلام مَن هو أكبر منّي أبداً .
[BGPIC="http://lionking.50cartoons.com/lion-king/images/lion%20king_6.jpg"]النمـر والأسـد
ظل النمر الجائع يجري ويجري ويتربص و يتربص ليجد فريسته التي يسد بها ألم جوعه وبينما هو يسير ويسير فإذا به
يجد أسداً جائعاً أمامه، فشب نزاع عنيف بينهما وأبرز كل منهما قدراته القتالية وشجاعته وقدرة تحمله للصراع، ولكن
لم يتمكن إحداهما أن يغلب الثاني...
حاول النمر أن يفض النزاع لأنه ملّ هذا الصراع المتعادل والذي لا فائدة منه سوى أسـتنزاف قوته فهرب منه علّه يجد
ضالته بفريسة يسد بها ألم جوعه ويستعيد قوته، ولكن الأسد كعادته لن يتراجع فلحقه ثانية عسى أن يتمكن منه دون
جدوى، وبعد شجار طويل توقفا ونظرا لبعضهما وتناقشا وهما ساكتان، لماذا نتصارع ولن يتمكن إحداهما أن يغلب
الثاني. لماذا لانشق طريقنا ونصارع من هو أضعف منا، تفارقا وهما يلهثان قبل أن يهلكا ويفترسهما من هو أقوى
منهما الا وهو الجـوع .
النهر الصغير
^^^^^^^^^
كــان النهرُ الصغير، يجري ضاحكاً مسروراً، يزرع في خطواته
الخصبَ، ويحمل في راحتيه العطاء.. يركض بين الأعشاب، ويشدو بأغانيه الرِّطاب، فتتناثر حوله فرحاً أخضر..
يسقي الأزهار الذابلة، فتضيء ثغورها باسمة. ويروي الأشجار الظامئة، فترقص أغصانها حبوراً ويعانق الأرض الميتة،
فتعود إليها الحياة.
ويواصل النهر الكريم، رحلةَ الفرحِ والعطاء، لا يمنُّ على أحد، ولا ينتظر جزاء..
وكان على جانبه، صخرة صلبة، قاسية القلب، فاغتاظت من كثرة جوده، وخاطبته مؤنّبة:
-لماذا تهدرُ مياهَكَ عبثاً؟!
-أنا لا أهدر مياهي عبثاً، بل أبعث الحياة والفرح، في الأرض والشجر، و..
-وماذا تجني من ذلك؟!
-أجني سعادة كبيرة، عندما أنفع الآخرين
-لا أرى في ذلك أيِّ سعادة!
-لو أعطيْتِ مرّة، لعرفْتِ لذّةَ العطاء .
قالت الصخرة:
-احتفظْ بمياهك، فهي قليلة، وتنقص باستمرار.
-وما نفع مياهي، إذا حبستها على نفسي، وحرمْتُ غيري؟!
-حياتكَ في مياهكَ، وإذا نفدَتْ تموت .
قال النهر:
-في موتي، حياةٌ لغيري .
-لا أعلمُ أحداً يموتُ ليحيا غيره!
-الإنسانُ يموتُ شهيداً، ليحيا أبناء وطنه.
قالت الصخرة ساخرة:
-سأُسمّيكَ بعد موتكُ، النهر الشهيد!
-هذا الاسم، شرف عظيم.
لم تجدِ الصخرةُ فائدة في الحوار، فأمسكَتْ عن الكلام.
**
اشتدَّتْ حرارةُ الصيف، واشتدّ ظمأُ الأرض والشجر والورد، و..
ازداد النهر عطاء، فأخذَتْ مياهه، تنقص وتغيض، يوماً بعد يوم، حتى لم يبقَ في قعره، سوى قدرٍ يسير، لا يقوى على المسير..
صار النهر عاجزاً عن العطاء، فانتابه حزن كبير، ونضب في قلبه الفرح، ويبس على شفتيه الغناء.. وبعد بضعة أيام،
جفَّ النهر الصغير، فنظرَتْ إليه الصخرةُ، وقالت:
-لقد متَّ أيها النهر، ولم تسمع لي نصيحة!
قالت الأرض:
-النهر لم يمتْ، مياهُهُ مخزونة في صدري.
وقالت الأشجار:
-النهر لم يمتْ، مياهه تجري في عروقي
وقالت الورود:
-النهر لم يمت، مياهه ممزوجة بعطري.
قالت الصخرة مدهوشة:
لقد ظلَّ النهرُ الشهيدُ حياً، في قلوب الذين منحهم الحياة!
***
وأقبل الشتاء، كثيرَ السيولِ، غزيرَ الأمطار، فامتلأ النهرُ الصغير بالمياه، وعادت إليه الحياة، وعادت رحلةُ الفرح
والعطاء، فانطلق النهر الكريم، ضاحكاً مسروراً، يحمل في قلبه الحب، وفي راحتيه العطاء..